19 - 06 - 2024

عاصفة بوح | انتصرت المقاومة وانهزم ضمير العالم

عاصفة بوح | انتصرت المقاومة وانهزم ضمير العالم

انتصرت المقاومة الفلسطينية بالتخطيط  العبقرى والإيمان .. مهما كان تصنيفها الذى وصمه الغرب تبجحا وظلما بالإرهاب، ومهما كانت توجهاتها التى يمكن أن يختلف عليها البعض سياسيا.. فإنها مقاومة  أنجزت ماعجزت عن تحقيقه أي دول أو فصائل أخرى توصف بالمقاومة. 

لأول مرة تأخذ قوة عربية المبادرة فى محاربة محتل مجنون فاجر تحميه قوة تدعي العظمة لا يعبأ إلا بمنطق القوة والبلطجة مادام قد أمن المحاسبة والعقاب، منتهزا فرصة ضعف وتفكك العالم العربي والأسلامي، سواء ضعف عام كدول لها كيان وقوة ومقومات دولة.. أو لأسباب كلنا نعرفها من تواطؤ أو خيانة أو مصالح غير مشروعة مع أعداء الأمة الاسلامية والعربية .. كلها جعلت الفلسطينيين ييأسون من حل قضيتهم على أسس عادلة أمام تواطؤ مفضوح من القوى الغربية والكيل بمكيالين وغض الطرف عن أي ممارسات غير إنسانية، حتى القتل الممنهج من مستوطين أتيحت لهم فرص الاستيلاء على ممتلكات أو أراضي فلسطينية، رغم ذلك لم يعبأ أحد بما يجري لهم كأخر دولة محتلة احتلالا سافرا وغاشما تفوق على كل أنواع الاحتلال الأخرى!

فلسطين هى الأرض الوحيدة المحتلة الباقية في خصر ضمير العالم الذى عجز عن حل قضيتها العادلة، فكان عليه أن ينكر وجودها من الأصل ويشيح بوجهه دائما الناحية الأخرى ويتبنى عبارة مجرمة مضللة ومبررة لكل جرائمها، يلقيها فى وجه العالم بعد كل جريمة وهي أن إسرائيل من حقها الدفاع عن نفسها، وتناست أن من حق الفلسطينيين تحرير أرضهم ولكنها لا تأبه بالعالم كله متحصنة بأمريكا، فيلقيان بكل المواثيق الدولية  فى سلة المهملات، كلما امتطى العالم حصان الشجاعة وأصدر قرارات ذرا للرماد في العيون لحماية المدنيين!! 

 سنون من الظلم والتعذيب والقتل الممنهج والحصار والإذلال .. والضمير العالمى فى سبات الخيانة والتواطؤ، فكان لابد أن تتحرك قوة المقاومة التى لم تعد تتحمل كل ما مضى، فكان السابع من أكتوبر يوم الشرف والعزة لتذيق إسرائيل أهوال يوم القيامة، من الصدمة والصفعة لمحتل كان تصور أن الدنيا دانت له، بعدما باع المتخاذلون دولة فلسطين المحتلة. 

كانت المقاومة تعرف أن الحرية لها ثمن يدفع بشرف وليس بهوان .. فمن الشرف أن تقاتل فتستشهد في ميادين القتال بدل الموت الذليل تحت وطأة احتلال أو بيد مستوطنين لصوص أو فى الزنانين الظالمة أو حتى فى بيوتهم مستسلمين لعدو فاجر، وأدركت أيضا أن كل مواثيق العالم لم تحمهم من الاحتلال وتوسعاته اليومية قضما لأراضيهم وأنها على طرف حذاء إسرائيل مادام عنق أمريكا واقتصادها وإعلامها وثرواتها بيديها، فلم تأبه لعالم لايحترم إلا القوة، فكان قرارها العملى الذى يثبت أن ما أخذ بالقوة لايسترد إلا بالقوة.. وهاهي قد فعلت، فلتدم حرة أبية.

صدمة المبادرة بالهجوم الإعجازي كخطة فاجأت العالم كنهج عسكري سوف يدرس لعشرات السنين وأثبتت أن العقل العربي إذا ماقرر نفذ وأطاح بكل أوهام الجيش الذي لايقهر وكل الخزعبلات المرتبطة به، إنما هو قرار وطني إذا ما أخذ بعيدا عن الخونة والمتواطئين والأذلاء.. ينجز وينجح وينتصر في النهاية، 

ومهما كانت النتيجة بعدما باع العالم كله فلسطين إلا فيما ندر، فقد انتصروا بينما عجز العالم العربي والإسلامى كله عن حمايتها أو حتى تمرير مساعدات إنسانية. 

لو اتحدوا كما حدث  فى 73 ، واتخذوا قرارا بوقف الغاز والبترول وسحب الاستثمارات والودائع من الغرب، لربما استطاعوا توصيل شربة ماء وبعض البترول لغزة، حتى لايموت الأطفال على طاولات العمليات دون بنج يخفف من وجع يضاف إلى وجع الموت، ولأوقفوا بيع الفلسطينيين في سوق النخاسة العالمي. 

لك الله يا فلسطين، فلقد وقف أهلك وقفة رجال أمام خصيان لايعرفون سوى قتل الأطفال والنساء والعجائز   عن بعد بطائراتهم بخسة العاجز الخائف من مواجهة قتالية شريفة، لجبنهم أمام مقاتلين مؤمنين قادرين بعزيمة أصحاب الأرض وصلابة أهل الحق على الانتصار أيا كان نوعه.. المهم أنهم لم يقبلوا الموت الذليل بل أذاقوه لمحتليه لأول مرة بالفعل الحاسم المنجز وليس برد الفعل! 

أدار العالم كله وجهه وهو يسمع إسرائيل ومعها أميركا تكذبان كذب القتلة لتبرير قصف المستشفيات والملاجيء وحتى الفارين من النار إلى الجنوب استجابة لتحذيرات اسرائيل تم أيضا استهدافهم. ادعوا أن حماس تجعل أهل غزة دروعا بشرية لتخبيء السلاح والوقود والعالم يعلم أنها كذبة، وأن مايحدث حرب إبادة بعد إهانة جيشها بهجوم 7 أكتوبر المفاجيء الذي عجزت كل أجهزتها الاستخباراتية عن التنبؤ به، فكان العقاب الجماعى لأهل غزة، فالإذعان للكذبة وتبرير الإبادة أسهل من الوقوف بجانب الحق وتبعاته المتوقعة. 

وقد فهمتها المقاومة ونزعت ورقة التوت عن هؤلاء وفضحتهم أمام شعوبهم والعالم، لذا نرى المظاهرات  في أعتى الدول الداعمة لإسرائيل تدين المذابح، بعدما كشفوا كذب إعلامهم المتواطىء، وبهذا انتصرت المقاومة في المعركة الإعلامية. 

انتصرت المقاومة فى كشف الحقيقة المخيفة لشعوب العالم.. فأسقطت أقنعة المتواطئين، فهبت الشعوب للدفاع بالمظاهرات والمقاطعة الاقتصادية وهي سلاحهم الوحيد لنصرة شعب يباد أمام أعينهم على التلفاز.. ولا يأبه حكام العرب والمسلمين إلا فيما ندر لإبادتهم، فهناك آلات حاسبة تحسب المكسب والخسارة ولا يدرون أنهم أكلوا بالفعل يوم أكل الثور الأبيض.. وأن الايام دول ، ونسوا أنهم ربما يأتي دورهم، قرب الزمن أو بعد، بعدما كشفت ظهورهم جميعا بتفرق الدول العربية والأسلامية.. وأنهم قد يصبحون أيضا أخبارا مأساوية تظهر على شاشات ضمير العالم فلا يأبه بهم أحد!

لقد انتصرت المقاومة وانهزم الضمير الجمعى!
-----------------------------
بقلم: وفاء الشيشيني

مقالات اخرى للكاتب

عاصفة بوح | حسابات دقيقة وحسابات قبيحة





اعلان